خــــطة
البـــــحث
مقدمة
المبحث
الاول: بعض المفاهيم المتعلقة بالنمو
والفرق بين النمو والتنمية
المطلب
الأول: بعض المفاهيم المتعلقة بالنمو
المطلب
الثاني: الفرق بين النمو والتنمية:
المبحث
الثاني : تفسير النمو والإشارة إلى تكاليفه
المطلب
الأول: سمات النمو الإقتصادي
المطلب
الثاني: عناصر النمو الإقتصادي
المطلب الثالث: قياس النمو الإقتصادي
المطلب
الرابع: أهمية تحليل النمو الإقتصادي
المبحث
الثالث: تصيف الدول وفق معيار النمو والتنمية
المطلب
الأول: التصنيف البسيط
المطلب
الثاني: التصنيف وفق خصائص عوامل الإنتاج
المطلب
الثالث: التصنيف وفق خصائص النشاط الإقتصادي
المطلب
الرابع: التصنيف حسب الإمكانيات البشرية والطبيعية المتاحة لكل بلد
قائمة
المراجع
برنيه
وسيمون، أصول الإقتصاد الكلي ترجمة شمس الدين
مقـــــــــدمة
يتسم كل مجتمع من المجتمعات البشرية
بمايسمى بالنشاطات الإقتصادية و الهدف الرئيسي من هذه النشاطات لأي مجتمع هو إشباع
الحاجات الإنسانية، وتتمثل قدرة أي إقتصاد في ناتجه الوطني المحقق، ويعرّف هذا
الناتج بأنه مجموع السلع و الخدمات التي ينتجها المجتمع خلال فترة زمنية معينة و
التي عادة ماتكون سنة.
ويعطي الناتج الوطني صورة أولية عن
مستوى الأداء الإقتصادي، كما يستخدم الناتج الوطني و التغيرات الحاصلة فيه كمعيار
للنمو الإقتصادي، ذلك النمو التي تسعى الدول النامية إلى تحقيقة بتطبيق سياسات
الإصلاح و الإستقرارالإقتصادي تحت إشراف و متابعة من طرف مؤسسات مالية دولية
كصندوق النقد الدولي و البنك العالمي. والواقع أن تطبيق تلك البرامج يؤدي إلى صرف
النظر عن جوهر قضايا التنمية و المتمثلة في زيادة الناتج الوطني و تحسين المستوى
المعيشي للأفراد من صحة و تعليم و تحصيل علمي وفني.
وبالرغم ممايحيط بإتخاذ مستوى الناتج
الوطني كمعيار للنمو الإقتصادي من إنتقادات بسبب المسائل الخاصة بقياس الرفاهة
الإقتصادية والتي لايمكن قياسها فقط بمستوى الناتج الوطني، وكذلك فيما يخص
التغيرات في الأسعار وتركيب الأرقام القياسية إلا أننا سوف نسلم بأنه من أصلح
المعايير الممكنة عملياً.
إن إستخدام الناتج الوطني كمعيار للنمو
الإقتصادي يتضمن إعتبار دالة الإنتاج كقاعدة أساسية للتحليل، هذه الدالة تربط بين
الناتج الوطني خلال فترة معينة من جهة و الكميات المستخدمة من عناصر الإنتاج داخل
الإقتصاد في تلك الفترة، وكذلك العوامل الرئيسية الي تحدد إنتاجية هذه العناصر
وتؤثر فيها أما تأثير العوامل التي تحدد الإنتاجية العينية لعناصر الإنتاج مثل
المعرفة الفنية وتدريب و تنظيم العمال و البيئة الإجتماعية و السياسية، فعادة ما
يفترض أنها ساهمت في تحديد شكل دالة الإنتاج، أي أن التغيرات في دالة الإنتاج قد
أخذت في الحسبان أثر المعرفة الفنية و البيئة.
ومن
هنا يمكننا صياغة الاشكالية التالية:
-
ما
المقصود بالنمو الاقتصادي وفيما يتمثل وماهي عناصره ومفسراته وعلى أي معيار يتم
تصنيف الدول؟
ومن
الاشكالية التالية يمكننا صياغة جملة التساؤلات الفرعية التالية:
-
ما
المقصود بالنمو الاقتصادي؟
-
ماهي
المفاهيم المتعلقة بالنمو؟
-
ما
الفرق بين النمو والتنمية الاقتصادية؟
-
ماهي
عناصر النمو الاقتصادي؟
-
ماهي
معايير التي يتم من خلالها تصنيف الدول؟
ومن
خلال التساؤلات الفرعية يمكننا صياغة الفرضيات التالية:
ونعني
بالنمو الإقتصادي زيادة الناتج الوطني مع إمكان تحقيق زيادة في مستوى دخل الفرد و
بالتالي تحسين الوضع الإجتماعي للأفراد.
المفاهيم
المتعلقة بالنمو هي التنمية الاقتصادية التقدم الاقتصادي التخلف الاقتصادي...
الفرق
بين النمو والتنمية هو يعني النمو الإقتصادي مزيداً من الناتج و فالتنمية إذن أوسع
مضموناً من النمو حيث يمكن وصف التنمية على أنها نمو صحوب بتغيرات هيكلية وهذه
التغيرات يجب أن تشمل هيكل الإقتصاد الوطني وتسعى لتنويع مصادر الدخل فيه .
لاختبار
صحة الفرضيات التالية قمنا بتقسيم البحث الى ثلاث مباحث
المبحث الاول: بعض المفاهيم المتعلقة
بالنمو والفرق بين النمو والتنمية
المبحث
الثاني: تفسير النمو والإشارة إلى تكاليفه
المبحث
الثالث: تضيف الدول وفق معيار النمو والتنمية
إن
واقع الدول النامية يوضح بما لايدع مجالاً للشك أنها تحتاج إلى نمو إقتصادي يخرجها
من الوضعية المزرية التي تعيشها، ونعني بالنمو الإقتصادي زيادة الناتج الوطني مع
إمكان تحقيق زيادة في مستوى دخل الفرد و بالتالي تحسين الوضع الإجتماعي للأفراد.
وفي سياق الحديث عن الدول النامية فإنه لما نتكلم عن النمو الإقتصادي نجد أنفسنا بصدد
الحديث عن التنمية الإقتصادية ذلك لكون النمو الإقتصادي في مدلوله يرمي إلى أن
الدولة و صلت إلى وضع إقتصادي يمكنها من الإستمرار بشكل تلقائي في توجيه قدر ملائم
من فائضها نحو النمو الإقتصادي. أما الدول النامية فإنها تعاني إختلالات هيكلية
لابد من معالجتها حتى ترقى فيما بعد إلى مرحلة النمو الإقتصادي وذلك نتيجة وجود
معوقات و كوابج تعوق السير الحسن للعمليات الإنتاجية بالدول النامية، ومن هنا
نلاحظ الإرتباط الوثيق بين مفهومي النمو و التنمية الإقتصادية ومن أجل فهم معنى
النمو الإقتصادي وجب التطرق إلى مفهوم التنمية الإقتصادية ومدى التداخل الحاصل بين
المفهومين.
كما سنتطرق في هذا الفصل إلى مقاييس و
تصنيف النمو "التنمية الإقتصادية" وتعرّج أيضًا على نظريات النمو في
الفكر الإقتصادي و بلورة مفهوم النمو الإقتصادي عبر مراحل الفكر الإقتصادي.
المبحث
الأول : بعض المفاهيم المتعلقة بالنمو
والفرق بين النمو والتنمية
المطلب
الأول: بعض المفاهيم المتعلقة بالنمو
1-مفهوم
التخلف الإقتصادي:يظهر التخلف الإقتصادي
عادة بعد مدة طويلة من النمو ويميزه إنخفاض حجم النشاط الإقتصادي، أي نقص الناتج
الوطني، كما يمكن أن يكون التخلف مرافق للتطور الإقتصادي إذا كان معدل إنخفاض
الدخل الوطني أقل من معدل إنخفاض السكان.
ويمكن
الحكم على بلد ما أنه متخلف من خلال بعض الخصائص وهي :
-إنخفاض
متوسط الدخل الفردي الحقيقي.
-خصائص
عناصر الإنتاج.
-خصائص
النشاط الإقتصادي
ففي
الدول المتخلفة يكون الدخل الفردي الحقيقي ضعيف إضافة إلى إتسام الإنتاج بالإعتماد
على اليد العاملة غير المؤهلة، وكذا تركز النشاط الإقتصادي في الزراعة وبيع المواد
الأولية .
كما
يمكن تشبيه الدول المتقدمة بآلة كل الأفراد فيها يؤدون وظائفهم بصفة متناسقة تسمح
بالسير الحسن لهذه الآلة. أما الدول المتخلفة فإن وظائف أفرادها منفصلة نتيجة
كونها بلدان مستغلة أو أن قطاعات إقتصادها مستقلة عن بعضها البعض.
2-مفهوم
النمو الإقتصادي: يعتبر مفهوم النمو الإقتصادي
مفهوماً كميًا يعبر عن زيادة الإنتاج في المدى الطويل ويعرّف" النمو
الإقتصادي هو الزيادة المحققة على المدى الطويل لإنتاج البلد"().
كما يمكننا الإشارة إلى مفهوم التوسع الإقتصادي والذي هو الزيادة الضرفية للإنتاج
وبالتالي نستطيع القول أن النمو الإقتصادي هو عبارة عن محصلة للتوسع الإقتصادي
المتتالي. وبمأن النمو يعبر عن الزيادة الحاصلة في الإنتاج فإنه يأخذ بعين الإعتبار
نصيب الفرد من الناتج أن معدل نمو الدخل الفردي . ()
ووفق
ماسبق فإن النمو الإقتصادي يتجلى في :
-زيادة
الناتج الوطني الحقيقي بين فترتين
-إرتفاع
معدل الدخل الفردي.
كما
يمكن للنمو الإقتصادي أن يكون مصاحباً لتقدم إقتصادي إذا كان نمو الناتج الوطني
أكبر من معدل نمو السكان أو أن يكون غير صاحب بتقدم إقتصادي إذا كان معدل نمو
الناتج الوطني مساويًا لمعدل نمو السكان.
بينما إذا كان معدل نمو السكان أرفع من معدل نمو الناتج الوطني فإن النمو حينئذ
يكون مصحوباً بتراجع إقتصادي.
3-مفهوم
التنمية الإقتصادية: النمو هو التحسن
الكمي لمجمل الإقتصاد بما في ذلك الموارد والنمو الديمغرافي وإنتاجية العمل وهذا
النمو يقتضي سلسلة من التغيرات في الهيكل الإقتصادي حتى نضمن إستمراره.
وتعرف
التنمية بأنها : سلسلة من التغيرات والتأقلمات التي بدونها يتوقف النمو"()
. كما تعرف أيضاً بأنها " مجموع التغيرات الإقتصادية والإجتماعية المرافقة
للنمو.
ويمكن
تعريف التنمية على أنها" مجموع السياسات التي يتخذها مجتمع معين وتؤدي إلى
زيادة معدلات النمو الإقتصادي إستناداً إلى قواه الذاتية، مع ضمان تواصل هذا النمو
وتزانه لتلبية حاجيات أفراد المجتمع وتحقيق أكبر قدر ممكن من العدالة الإجتماعية
"().
ومن
هذه التعاريف يتضح لنا أن مفهوم التنمية أكثر شمولاً من مفهوم النمو الإقتصادي،
حيث أن التنمية الإقتصادية تتضمن بالإضافة إلى زيادة الناتج وزيادة عناصر افنتاج
وكفاءتها إجراء تغييرات في هيكل الناتج. الأمر التي يتطلب إعادة توزيع عناصر
الإنتاج بين مختلف القطاعات الإقتصادية. ومنه نستطيع القول أن التنمية هي عبارة عن
نمو مصاحاب بالسعي إلى:
-إحداث
تغيير هيكلي في هيكل الناتج مع ما يقتضيه ذلك من إعادة توزيع عناصر الإنتاج بين
القطاعات.
-ضمان
الحياة الكريمة للأفراد.
-ضمان
إستمرارية هذا النمو من خلال ضمان إستمرار تدفق الفائض الإقتصادي، أو المتبقي بعد
تلبية حاجات الأفراد والموجه للإستثمار.
4-مفهوم
التقدم الإقتصادي:
إن قياس النمو الإقتصادي ماهو إلا قياس
كلي لزيادة السلع والخدمات المنتجة في فترة معينة مقارنة بالفترة السابقة. أما
التقدم الإقتصادي فهو الزيادة-بين فترة وأخرى- لمتوسط الناتج الحقيقي، متوسط الدخل
الحقيقي و متوسط الإستهلاك الحقيقي للسكان.
ويعرّف R.BARRE التقدم الإقتصادي بأنه " نمو الموارد المتاحة بنسبة تفوق نمو
السكان"() .
ويعبر التقدم الإقتصادي عن " مجموع التحسنات في الميدان الإقتصادي والإجتماعي
المرافقة للنمو.
المطلب
الثاني: الفرق بين النمو والتنمية:
يعني النمو الإقتصادي مزيداً من الناتج،
بينما تتضمن التنمية الإقتصادبة زيادته و كذلك تنويعه، فضلاً عن التغيرات الهيكلية
الفنية التي يتم بها الإنتاج، وإذا كان النمو يمكن أن يحدث عن طريق مزيد المدخلات
التي تؤدي إلى مزيد من الناتج أو إدخال تحسينات على مستوى الكفاية الإنتاجية، فإن
التنمية الإقتصادية تذهب إلى أبعد من ذلك حيث تضمن تغيرات في مكونات الناتج نفسه
وفي إسهامات القطاعات المولدة لهذا الناتج.
فالتنمية إذن أوسع مضموناً من النمو حيث
يمكن وصف التنمية على أنها نمو صحوب بتغيرات هيكلية وهذه التغيرات يجب أن تشمل
هيكل الإقتصاد الوطني وتسعى لتنويع مصادر الدخل فيه .
ويرى
بونيه " أن النمو الإقتصادي ليس سوى عملية توسع إقتصادي تلقائي، تتم في ظل
تنظيمات إجتماعية ثابتة و محددة، وتقاس بحجم التغيرات الكمية الحادثة، في حين أن
التنمية الإقتصادية تفترض تطويراً فعّالاً و واعيًا، أي إجراء تغيرات في التنظيمات
الإجتماعية للدولة".()
أما الدكتور محمد زكي شافعي فيرى أن
" النمو يراد به مجرد الزيادة في الدخل الفردي الحقيقي، أما التنمية فالراجع
تعريفها بأنها تتحصل في الدخول في مرحلة النمو الإقتصادي السريع، بعبارة أخرى
تحقيق زيادة سريعة، تراكمية ودائمة، في الدخل الفردي الحقيقي عبر فترة ممتدة من
الزمن "()
وبمأن أي شيء ينمو لابد أن يتغير فإن التنمية لاتتحقق دون تغير جذري في البنيان
الإقتصادي
و الإجتماعي ومن هنا كانت عناصر التنمية هي التغير البنياني
و
الدفعة القوية و الإستراتيجية الملائمة.
فلو أخذنا الإنسان كمثال، فإن الإنسان
ينمو من مرحلة الطفولة إلى الشباب أي يزداد من حيث الوزن و الطول وهذا معنى نموه،
أما التنمية فتعني التغير في تصرفات الفرد نتيجة التجربة و الخبرات المكتسبة.
المبحث
الثاني : تفسير النمو والإشارة إلى تكاليفه
المطلب
الأول: سمات النمو الإقتصادي:
يحصل النمو الإقتصادي بتوفر الضروف التالية:
أ-زيادة
حجم الإنتاج : ونقصد به زيادة حجم النشاط الإنتاجي أو التوسع الإقتصادي، ويجب
الإشارة إلى الزيادة الحقيقية في الإنتاج وكذا زيادة الدخل الفردي الحقيقي
المرافق لزيادة الإنتاج وذلك خلال فترة
زمينة مقارنة بالفترات السابقة.
ب-حدوث
تغيرات على مستوى طرق التنظيم: بمأن هدف العمليات الإنتاجية هو إشباع الحاجات
الإنسانية وتحقيق ربح لأصحابها فإنه مع مرور الوقت يسعى المستثمر إلى إيجاد طرق
تنظيم جديدة تسهل ديناميكية العمل وتداول عناصر الإنتاج بصورة أسهل والبحث عن
عناصر إنتاج أقل تكلفة وأكثر ربحية، هذا السعي الدائم للمستثمرين يؤدي إلى إتاحة
طرق تنظيم جديدة أنجع من التي كانت سائدة من أجل تحقيق فائض أكبر و الإستمرار في
عملية النمو.
جـ-التقدم
الإقتصادي: كما سبق لنا تعريف التقدم الإقتصادي بأنه مجموع التحسنات الإقتصادية
والإجتماعية المرافقة للنمو الإقتصادي. وبالتالي فإن التقدم الإقتصادي سمة من سمات
النمو وإستمراره وتحقيق الغايات الإجتماعية لمجمل الأفراد.
المطلب
الثاني: 1-عناصر النمو الإقتصادي:
تتمثل عناصر النمو الإقتصادي أساساً في
العمل ورأس المال والتقدم التكنولوجي.
أ-العمل:
نعني بالعمل "مجموع القدرات الفيزيائية والثقافية التي يمكن للإنسان
إستخدامها في إنتاج السلع والخدمات الضرورية لتلبية حاجياته".
وحجم
العمل مرتبط بعدد السكان النشيطين في البلد وكذا بعدد ساعات العمل التي يبذلها كل
عامل، هذا من جهة ومن جهة أخرى بإنتاجية عنصر العمل بحيث كلما زادت إنتاجية عنصر
العمل أدى ذلك إلى زيادة الإنتاج رغم أن عدد العمال أو عدد ساعات العمل بقيت على
حالها. ونقصد بإنتاجية العمل حاصل قسمة الإنتاج المحقق على عدد وحدات العمل
المستعملة في إنتاجه.
ب-رأس
المال : يعرّف رأس المال بأنه :مجموع السلع التي توجد في وقت معين، في إقتصاد
معين"().
بالإضافة إلى العمل يعتبر رأس المال عنصرًا من عناصر النمو فهو يساعد على تحقيق
التقدم التقني من جهة وعلى توسيع الإنتاج بواسطة الإستثمارات المختلفة المحققة.
جـ-التقدم
التقني: التقدم التقني هو تنظيم جديد للإنتاج يسمح بـ:
-إنتاج
كمية أكبر من المنتوج بنفس كميات عناصر الإنتاج.
-أو
إنتاج نفس الكمية من المنتوج بكميات أقل من عوامل الإنتاج. أي أن التقدم التقني
يعني الإستخدام الأمثل لعوامل الإنتاج في العملية الإنتاجية. وبالتالي فإنه حتى
وإن بقيت كميات عناصر الإنتاج على حالها وحدث تقدم تقني فإن ذلك سيؤدي حتماً إلى
زيادة الإنتاج وتحقق النمو الإقتصادي.
المطلب
الثالث: قياس النمو الإقتصادي:يقتضي النمو الإقتصادي
الزيادة في الناتج الحقيقي وفي متوسط دخل الفرد وبالتالي فإن قياس هذا النمو يتم
بقياس نمو الناتج ونمو الدخل الفردي.
أ-الناتج
الوطني: هو مقياس لحصيلة النشاط الإنتاجي، وحساب معدل نموه هو مايصطلح على تسميته
معدل النمو، ويمكن حساب الناتج الوطني بحساب الناتج المحقق في البلد وتقييمه بعملة
ذلك البلد ومن ثم مقارنته بنتائج الفترة السابقة ومعرفة معدل النمو، ومايعاب على
هذه المعدلات أنها نقدية ولاتأخذ بعين الإعتبار أثر التضخم.
كما أن لكل دولة عملتها الوطنية وبالتالي
لايمكن مقارنة النمو المحقق في مختلف البلدان وفق هذا المقياس، ولذا تستخدم غالباً
عملة دولية واحدة لتقييم الناتج الوطني لمختلف البلدان حتى يسهل المقارنة بين
معدلات النمو المحققة فيها.
ب-الدخل
الفردي : تكمن أهمية قياس نمو الدخل الفردي في معرفة العلاقة بين نمو الإنتاج
وتطور السكان- ويعتبر هذا المقياس قياس عيني للنمو، اي يقيس النمو المحقق على
مستوى كل فرد من حيث زيادة ماينفقه.
لنفس
المقدار- أي دولار واحد- ببقية الدول ومن ثم ترتيب الدول الأكثر نمواً وفق أكبر
قدرة شرائية .
كما
يمكن أيضاً قياس النمو من خلال قياس القدرة الشرائية لدولار واحد في بلدما مثلاً
ومقارنتها بالقدرة الشرائية
المطلب
الرابع: أهمية تحليل النمو الإقتصادي.
نعني
بأهمية النمو الإقتصادي مايحققه النمو للفرد والمجتمع من مزايا ومحاسن:
أ-بالنسبة
للأفراد: إن النمو الإقتصادي يسمح بزيادة دخل الفرد الحقيقي وكذا زيادة الإنتاج
المادي الموجه لتلبية الحاجات الإنسانية المختلفة وبالتالي فإن النمو الإقتصادي
يرفع من القدرة الشرائية للأفراد ويساعد في القضاء على الفقر ومظاهر البؤس بين
الأفراد وتحسين الصحة العامة. كما يساعد النمو على تخفيض عدد ساعات العمل للأفراد
ويفتح لهم آفاق التحضر والرفاهية.
ب-بالنسبة
للدولة: إن الدولة هي الحامية العامة للأفراد و الساهرة على أمنهم وذلك من خلال
مختلف هيئاتها وهياكلها، وبمأن النمو الإقتصادي يؤدي إلى زيادة عائدات الدولة
وبالتالي فإنه يسهل لها مهاتها المختلفة ويدفها للبحث عن تقنيات جديدة في مجال
الإنتاج والدفاع. كما أن النمو يؤدي بالدولة إلى إعادة توزيع الدخل على الأفراد
وضمان بعض الخدمات الإجتماعية كالصحة والتعليم، بالإضافة أن تدقيق الدولة وبحثها
في مصادر النمو يجعلها تستطيع بناء إستراتيجية مستقبلية لمواصلة هذا النمو وذلك
بناءاً على إحصائيات ومعطيات ميدانية.
تكاليف
النمو الإقتصادي: إن النمو الإقتصادي
يقتضي الإستخدام المتزايد لعوامل الإنتاج والموارد الطبيعية وينتج عن ذلك بعض
الأضرار مرتبطة بالموارد الطبيعية وكذا أضرار تمس ببعض الطبقات الإجتماعية.
أ-الأضرار
المرتبطة بالموارد الطبيعية والمحيط: وتتمثل أساسًا في الإزدحام والتلوث وتشويه
المناضر الطبيعية وكذلك إستنزاف الثروات الباطنية كالبترول والغاز وإستنزاف
الغابات ومخلفات ذلك على البيئة.
ب-التكاليف
الإنسانية: إن حدوث النمو الإقتصادي وتوسع النشاط الإقتصادي أدى ببعض الطبقات
الإجتماعية إلى عدم مقدرتها على الصمود في وجه المنافسة مثل التجار الصغار
والحرفيون والمزارعون الذين يعانون من الفقر نتيجة تهميشهم من جهة ومن جهة أخرى أن
ربحية مشاريعهم نقصت نتيجة الإعتماد على طريقة الإنتاج الموسع، كل هذا يؤدي بنا
إلى القول بوجوب مراقبة النمو الإقتصادي الفظ.
المبحث
الثالث:3- تضيف الدول وفق معيار النمو والتنمية
سنحاول حصر مجموعة من العوامل المتاشبهة
بين عدد من الدول وتصنيقها في نفس الصنف وذلك من أجل معرفة مدى تقدم دولة ما
مقارنة بالدول الأخرى أو تأخرها عنها.
وسنتطرق
فيمايلي إلى تصنيفات التالية:
-التصنيف البسيط
-التصنيف وفق خصائص عوامل الإنتاج
-التصنيف وفق خصائص النشاط الإقتصادي
-التصنيف حسب الإمكانيات البشرية
والطبيعية المتاحة لكل بلد
المطلب
الأول: التصنيف البسيط :
من أهم أنواع التصنيف البسيط: تصنيف
البنك الدولي و تصنيف الأمم المتحدة.
أ-
تصنيف البنك الدولي:
تكمن بساطة هذا التصنيف في إعتماد على
معيار الدخل للفصل بين بلد متخلف و آخر متقدم. بحيث إذا بلغ متوسط الدخل الحقيقي
قيمة معينة نقول أن البلد متخلف و إذا تعداها نقول أنه سار في طريق التنمية و يقسم
البنك الدولي إلى ثلاث مجموعات ()
:
-
مجموعة الإقتصاديات منخفظة الدخل .
-
مجموعة الإقتصاديات متوسطة الدخل.
-
مجموعة الإقتصادات مرتفعة الدخل.
-حيث
أن الدول التي يكون دخل الفرد فيها أقل من 700 دولار و ذلك بأسعار 1992 تعتبر دول
منخفضة الدخل.
-
بينما الدول التي يقل فيها دخل الفرد عن 7000 دولار ويزيد عن 700 دولار تعتبر
دولاً متوسطة الدخل أو دول متخلفة ( Pays sous développés).
ويقسم البنك الدولي الدول متوسطة الدخل
إلى مجموعة دول متوسطة الدخل الأدنى بين
(700-3000) دولار ومن بين هذه الدول نجد الجزائر، مجموعة دول متوسطة الدخل
الأعلى (3000-7000) دولار .
-أما
الدول التي يتجاوز دخل الفرد السنوي فيها 7000 دولار فتعتبر دولاًً متقدمة.
ب-تصنيف
الأمم المتحدة :يعتبر تصنيف الأمم المتحدة كمحاولة
لتفسير التنمية من الجانب الإجتماعي وذلك بدراسة مشاكل الصحة و التعليم و مستوى
الدخل الحقيقي- وتحديد معيار يأخذ بعين الإعتبار هذه الجوانب و وفقه يتم تصنيف
الدول إلى ثلاثة مجموعات(2).
المجموعة
الأولى: هي المجموعة ذات التنمية البشرية العالية، والتي يتراوح مقياس التنمية بها
بين 0.8 و 1 ، وتقع جميع الدول
المتقدمة في هذه المجموعة.
أما
المجموعة الثانية: فهي مجموعة الدول ذات التنمية البشرية المتوسطة هي التي يتراوح
مؤشر التنيمة البشرية مابين 0.50 و 0.79.
المجموعة
الثالثة: مجموعة الدول ذات التنمية البشرية المنخفضة وهي الدول التي يقل مقياس
التنمية فيها عن 0.50.
المطلب
الثاني: التصنيف وفق خصائص عوامل الإنتاج:
إن التصنيف وفق هذا المدخل يقتضي دراسة
الخصائص الكمية و النوعية لعوامل الإنتاج.
أ-العمل:
ففي الدول النامية عادة يكون هناك فائض
في اليد العاملة غير المؤهلة وحاجة إلى اليد العاملة الماهرة وهو الذي يؤدي إلى
إنخفاض إنتاجية اليد العاملة بالدول النامية عكس الدول المتقدمة .
ب-التقدم
التكنولوجي:
إن تطبيق التكنولوجيا الحديثة في مختلف
القطاعات الإقتصادية يقتضي من الدول النامية إعطاء الأهمية للتكوين و البحوث
التطبيقية التي بواسطتها تستطيع الدول النامية التحكم ولو تدريجياً في التكنولوجيا
و الأساليب الفعاّلة للتنظيم وبالتالي رفع
إنتاجية القطاعات الإقتصادية.
جـ-الموارد
الطبيعية:
إن إختلاف الدول من مواردها الطبيعية و البيئة
السائدة بها حيث أن وفرة الموارد الطبيعية عامل رئيسي من العوامل المساعدة على
تحقيق النمو وخير مثال على ذلك التقدم الذي حققته بريطانيا غداة اكتشاف مناجم
الحديد و الفحم، وكذلك فإن الطقس المعتدل يساعد و يحفز على العمل و بالتالي زيادة
الإنتاج و تحقيق فوائض إضافية، إلا أن هذه التحاليل لاتخلو من إستثناءات حيث نجد
أن معظم الدول النامية اليوم تحتوي على خيرات باطنية كبيرة و طقس معتدل إلا أنها
بقيت تراوح مكانها، وإنعدام الحافز فيها إلى التنمية وذلك مايبرز لنا جلياً قصور تصنيف
التنمية بهذا المنظور.
المطلب
الثالث: التصنيف وفق خصائص النشاط الإقتصادي:
وفق هذه النظرة يتم تقسيم النشاط
الإقتصادي إلى ثلاث قطاعات، القطاع الول ويضم الزراعة والمواد الأولية، وقطاع
الصناعة وقطاع الخدمات، حيث أننا نجد في معظم البلدان النامية حوالي من 40 % إلى %60 من الناتج الوطني بها يرجع إلى القطاع الأول، أما القطاع الصناعي
فيعتبر مصدر لـ من %10
إلى %20
من الناتج. بينما يساهم قطاع الخدمات مابين %20 و %40
، ونجد أيضاً أن جل اليد العاملة مشتغلة بالقطاع الأول في الدول النامية، وبالتالي
فإنه حسب هذه النظرة فإن تغير مساهمة أو مكانه مختلف القطاعات في الناتج الوطني
تبرز لنا مدى سير البلد في طريق النمو.
المطلب
الرابع: التصنيف حسب الإمكانيات البشرية والطبيعية المتاحة لكل بلد:
وفق هذا التصنيف يتم أخذ بلد معين كنوع
لبقية الدول المشابهة له من حيث الثروات الطبيعية المتاحة وكذا من حيث الطاقات
البشرية التي يزخربها. وتم تحديد النوع الإفريقي والنوع الأمريكي(أمريكا
اللاتينية) والنوع الشرق أسيوي.
1-النوع الإفريقي :ممثلا في كينيا، ومن
ملامحها أنها دولة غنية بالموارد الطبيعية ونقص في الموارد البشرية خاصة من
الناحية النوعية والإعتماد على صادرات المنتجات الأولية.
2-نوع أمريكا اللاتينية: ممثلا في
المكسيك وهي غنية بالموارد الطبيعية والبشرية ويعتمد التصنيع فيها على الرأس المال
الأجنبي وصادرات البترول.
3-النوع الشرق أسيوي للتنمية: ويتمثل في
التيوان التي تتميز بغنى الموارد البشرية وقلة الموارد الطبيعية وتمويل التصنيع عن
طريق صادرات المنتجات الصناعية.
خــاتمـــة
يعطي نمو الناتج صورة أولية على إتجاهات
الأداء الإقتصادي، فإذا كانت معدلات النمو إيجابية و متزايدة عبر فترة زمنية معينة
فإنها تدل على الأداء الجيد للإقتصاد الوطني و نجاعة السياسات المطبقة. أما إذا
كانت معدلات النمو متذبذبة أو سالبة دل ذلك على الأداء غير الكفؤ للإقتصاد الوطني.
إن تحقيق قدر معين من النمو الإقتصادي لم
يخفف بشكل ملموس الفوارق الإجتماعية وفوق ذلك كان مصدرًا لتدهور بعض الطبقات (خاصة
المزارعون و التجارة الصغار و الحرفيون) حيث أوجب على بعض الفئات الإجتماعية تخمل
تكاليف باهضة. كل ذلك يبرز محدودية النمو الإقتصادي في التعبير عن الرفاهية
الإقتصادية و إغفاله لتكاليف النمو الإقتصادي و المتمثلة في الإضرار بالمحيط و
الموارد الطبيعية و التكاليف الإنسانية التي قد تؤثر سلباً على بعض الطبقات
الإجتماعية .
ومن
خلال ما تطرقنا اليه في البحث من مفهوم للنمو الإقتصادي و عناصره و تصنيفاته يتبين
لنا أن الفرضيات التي طرحناها صحيحة .