Translate

السبت، 11 مايو 2013

بوتفليقة لن يعود الى الحكم ؟؟ اذا عاد متعافى ؟

الحالة الصحية للرئيس بوتفليقة لا تسمح بعهدة رابعة :

الهاشمي جعبوب رفقة صحفي الشروق

يكشف الهاشمي جعبوب، وزير التجارة السابق والقيادي في حركة مجتمع السلم في حواره لـ"الشروق" جملة من أهم الأسرار المتعلقة بملف المفاوضات المتعلقة بالانضمام إلى منظمة التجارة العالمية، وكيف أن الاتحاد الأوروبي هو أهم قوة تحاول عرقلة الجزائر في مسار الانضمام، موضحا كيف أن اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي شرّ كله.

الكثيرون هم من يتهمون الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية ومنها حركتكم بأنها لا تهتم بالشأن الاقتصادي، هل توافقون على هذا الطرح وأنتم الوزير السابق الذي أشرف على حقائب الصناعة والتجارة وقبلها رئيس لجنة الفلاحة بالمجلس الشعبي الوطني؟    
الهاشمي جعبوب: نأسف أننا نقرأ في بعض المرات أن بعض المتطفلين المتقولين أن الأحزاب السياسية ذات المرجعيات الإسلامية ليس لها برنامج اقتصادي، وعليه فنحن نقول إن هذه الأحزاب تملك برامج ومشاريع اقتصادية حقيقية ولكن العيب في من يجهلها لأنها موجودة في الميدان وعلى واقع الأرض.  

ولكن ربما العيب في الأحزاب ذات المرجعيات الإسلامية التي فشلت في التسويق للقضايا التي تهم حياة الناس واكتفت بالغيبيات؟   
لا، أبدا، نحن حزب سياسي قريب من قضايا الناس وهمومهم، وفي هذا السياق قمنا خلال الانتخابات التشريعية السابقة بإعداد برنامج انتخابي شامل فيه جانب اقتصادي متكامل في إطار تكتل الجزائر الخضراء يتضمن كل الجوانب الاقتصادية الشاملة من زراعة وخدمات وصناعة وتجارة واستأنسنا بآراء التنظيمات المهنية الموجودة وجمعيات رجال الأعمال ومنظمات الباترونا واستأنسنا بالمرجعية الفكرية للحركة والتي هي حركة ليبرالية اجتماعية حاربت وعارضت بشدة النهج الاشتراكي الذي فرض على الشعب الجزائري، باعتبار أن الحركة تستمد مرجعيتها من الدين الإسلامي الذي يقدس ويكرس الملكية الفردية ويدعو للتكافل الاجتماعي وهذا وفق مبادئ أول نوفمبر التي تنص على بناء دولة ذات بعد اجتماعي في إطار المبادئ الإسلامية، إذن فلسفة الحركة هي حركة ليبرالية اجتماعية تؤمن بدور الدولة في التكافل الاجتماعي ودور الفرد في التكافل في إطار عدم احتكار الدولة للأنشطة الاقتصادية.

قلتم أن حركتكم هي حركة ليبرالية اجتماعية تقدس الملكية الفردية، ولكنكم تكتفون دائما بنقد النهج الرسمي دون طرح بدائل، ما تعليقكم؟  
نحن في الحركة نعلم يقينا أن الاشتراكية المنتهجة لم تحقق الفردوس الموعود، صحيح أن مجانية التربية والتعليم قدما دعما كبيرا للفئات الاجتماعية الهشة، ولكن احتكار الدولة لكل الأنشطة الاقتصادية والفلاحية والتجارية وتهميش الفرد أمر غير مفهوم لليوم. الجزائري كان ممنوع عليه شراء حافلة نقل والطبيب كان ممنوع من فتح عيادة خاصة وكان المواطن الجزائري ممنوع من ممارسة نشاط تجارة الجملة وكان ممنوع عليه القيام بعمليات الاستيراد. 
الفرد الجزائري كان مجرد آلة تعبأ بالأكل والشرب وممنوع عليه أن يكون فعّالا في المجتمع وممنوع من المبادرة الفردية، وهذا ما أدى إلى سيطرة الدولة على كل القطاعات التي فشلت في تسييرها، قبل أن تجد نفسها مضطرة للتغطية على ذلك العجز بانتهاج سياسة توزيع الأرباح الوهمية على عمال المصانع والمزارع المفلسة قبل أن تستفيق الدولة على أنها في مواجهة مباشرة مع الحائط. 
النظام وقتها لم يكتف بانتهاج اشتراكية غريبة عن قيم الشعب الجزائري، بل اتبع سياسة خطيرة وهي متابعة كل من عارض الاشتراكية، وهذا بناء على المادة 10 من ميثاق 1976 التي تنص على أن الاشتراكية في الجزائر قرار لا رجعة فيه، وبالتالي توبع أشخاص وعذبوا وسجنوا بسبب مواقفهم المعارضة للنهج الاشتراكي ومواقفهم المعارضة لتقييد الحريات الاقتصادية والفردية والجماعية الذي كان سائدا إلى غاية مطلع ثمانينات القرن الماضي، قبل انقلاب الأمور تماما في إطار مسعى "من أجل حياة أفضل" الذي تبعته سياسة وفرة غريبة قائمة على استيراد كل شيء من الخارج ولكن هذا لم يكن كافيا لوقف التململ الاجتماعي، لأن التململ كان بسبب معارضة النهج الاقتصادي الخانق للمبادرة الفردية وضد التهميش، على الرغم من سرعة النظام نهاية الثمانينات إلى فتح المجال للحريات السياسية سنة 1988 ثم بعدها التفكير في التحول نحو الاقتصاد الليبرالي أو اقتصاد السوق على استحياء ودون عزيمة.

ولكن بعد قرابة ربع قرن من صدور دستور فيفري 1989 نلاحظ أن نتائج الانفتاح كانت سلبية للغاية على كل الأصعدة؟   
المشكل أن الذين طبلوا وهللوا للاشتراكية هم الذين كلفوا بالتخطيط لاقتصاد السوق بدون قناعة وحتى لا أقول برياء، وبالتالي لم يتبع هذا النمط الجديد بالقوانين المؤطرة حتى ينجح، فكانت الفوضى في البداية مع تحرير التجارة الخارجية وفتح المجال للخواص بدون مكانيزمات مراقبة مما أضر كثيرا بالبلاد حتى أن 80 % من مجموع الصناعيين الجزائريين هم من الجيل الأول و100 % من المستوردين من الجيل الأول بمعنى أنهم لا يملكون سابق دراية بهذه القطاعات وخاصة عمليات التصدير والاستيراد، فكان بالنتيجة فوضى كبيرة على مستوى الموانئ وخاصة مع الفشل الذريع لسياسة الثورة الزراعية وإلغائها نهائيا والتحول لاستيراد كل شيء من الخارج بعد حل التعاونيات الزراعية وتوزيع الأراضي على فلاحين لا يملكون لا الخبرة ولا المال ولا المعرفة العلمية ولا الفكرية اللازمة لاستغلال الأراضي الزراعية، وزادت التبعية الغذائية للخارج من عام إلى آخر، صاحبها تضخم رهيب في الأسعار تبعه توقف الآلة الصناعية وتسريح العمال في ظل أزمة أمنية خطيرة.

ولكن هناك تجارب دولية ناجحة في التحول من الاشتراكية إلى الاقتصاد الحر، لماذا فشلت الجزائر حيث نجحت الكثير من الدول ذات الحالات المشابهة؟  
كان يمكن أن تنجح الجزائر في التحول الاقتصادي إلى النمط الصحيح بطريقة سلسة لو كان الظرف مواتيا من الناحية الأمنية، بالإضافة إلى أن النوايا السياسية الخاصة بهذا النهج لم تكن واضحة المعالم وكان هناك تردد كبير وإحجام من الدولة التي كانت لها نظرة سلبية للقطاع الخاص وخاصة من طرف الكثير من المسؤولين الذين يرون أن القطاع الخاص هو العدو المبين للدولة وللشعب وللوطن. هذه النظرة مع الأسف الشديد ما زالت حتى اليوم عند بعض المسؤولين في بعض الجيوب من السلطة التي تعتقد أن المواطن الناجح والمتعامل الثري الناجح هو بالضرورة مواطن سارق، في حين أن أغلب الدول الناجحة تقدر الكفاءة والنجاح والجهد وتثمنه وتكرم أصحابه. 
   جيوب في السلطة لها نظرة سلبية للنجاح
 بعض الجيوب في النظام للأسف الشديد لها نظرة دونية وسلبية للنجاح وهي بالمناسبة نظرة غير إسلامية للنجاح، لأن الله هو الغني وهو الخالق وهو الرازق وهو الذي فرق بين الناس في الرزق وفي الجاه وفي الأولاد، ولهذا أصبحنا نجد أن هناك من يقول إن بعض المسؤولين يعملون على تجريم النجاح، نحن في الحركة نقول مبروك لكل من عمل بالحلال، مبروك عليك ونزيد على ذلك بالقول إن الدول القوية قوية بمتعامليها الأقوياء.  
يجب الإشارة هنا إلى أنه وفي إطار توجه البلاد نحو اقتصاد السوق حاولت الدولة جلب الاستثمارات سواء الوطنية أو الأجنبية ولكن عدم استقرار التشريعات والقوانين وعدم استقرار النظام السياسي وعدم وضوح الرؤية هي أسباب عزوف الاستثمارات الأجنبية عن الجزائرية، وبالتالي يمكن القول إنه من 1990 إلى 2002 لم تستقطب الجزائر لا شيء من الاستثمارات الأجنبية، الذي يؤسف له أن حجة النظام كانت جاهزة وهي الظرف الأمني الخطير الذي مرت به البلاد.

ولكن هناك الكثير من العارفين بالشأن الاقتصادي والسياسي الجزائري يقولون إن الجزائر لم تكن لها نوايا في اتجاه تحرير الاقتصاد أصلا، وحجتهم في ذلك أن الجزائر ترفض تقديم ملف جدي للانضمام إلى منظمة التجارة العالمية، ما تعليقكم وأنتم وزير التجارة السابق المشارك في عدة جولات تفاوض؟    
بالنسبة لموضوع منظمة التجارة العالمية، يجب التذكير أنه في العام 1994 عقد اجتماع مراكش الذي تحولت بموجبه منظمة (الغات) الاتفاقية العامة للتعريفة الجمركية والتجارة إلى منظمة التجارة العالمية، غير أن الذي حدث أن الجزائر غابت عن الموعد بسبب الحرب الأهلية التي كادت تعصف بالبلاد وكان النظام السياسي لا يملك شرعية شعبية، حتى أن علاقات الجزائر كانت متدهورة مع المغرب وكانت الحدود مغلقة والسفير غير موجود في المغرب لأن الجزائر استدعت سفيرها وكان في الرباط قائم أعمال فقط، ويوم 11 أفريل 1994 أي يوم اجتماع مراكش ومن غريب الصدف أنه حدث تغيير حكومي في الجزائر وأصبح الوزير المنتدب المكلف بالتجارة الذي انتدب لتمثيل الجزائر في الاجتماع أصبح في حكم الوزير المنتهية صلاحياته. 
ولكن هذا لم يكن ليمنعه في حقيقة الأمر من التوقيع على اتفاق الانضمام وتكون الجزائر عضوا مؤسسا، وللأسف الشديد أن الجزائر فوتت فرصة تاريخية لأن النظام الذي جاء من بعد كان بإمكانه أن يتراجع في حال لم يعجبه القرار وكان يمكن أن يقدم حجة بأن الوزير الموقع لم يكن وزيرا لأنه أنهيت مهامه مع التغيير الحكومي، إلا أن الظاهر هو أن النظام السياسي آنذاك كان شغله الشاغل هو الهاجس الأمني وليس شيئا آخر. 
الطبقة السياسية حينها وبالرجوع إلى وسائل الإعلام الوطنية أسبوعا من قبل وأسبوعا من بع،د لم تهتم بهذا الحدث العالمي الرهيب المتمثل في تحول منظمة "الغات" إلى منظمة التجارة العالمية.   
من المؤسف جدا أن الساحة السياسية والإعلامية كانت مهتمة بالتقتيل والترهيب والحرق وليس بموضوعات على درجة عالية من الأهمية الإستراتيجية بالنسبة لجميع دول العالم، وبالتالي فوتنا فرصة ثمينة تاريخية على أن نكون أعضاء مؤسسين بكل ما تحمله الكلمة من منافع وامتيازات الأعضاء المؤسسين. 

ولكن حجة المترددين هي أن الدخول إلى منظمة التجارة قد يجبر الجزائر على التعامل مع دولة إسرائيل؟   
شكرا على هذا السؤال الذي كنت أتوقعه منك. أولا، النقطة الخطيرة التي يجب الوقوف عندها وتوضيحها للرأي العام الوطني هي أن البعض في داخل الجزائر كان يعتقد أن الانضمام إلى منظمة التجارة هو تطبيع مع إسرائيل، هذا خطأ فادح جدا، لأن الجزائر كانت في منظمة "الغات" ولم تكن لها علاقات مع إسرائيل. 
   أمر آخر على درجة إستراتيجية من الأهمية في العلاقات الدولية وهو أنه يستحيل على أي دولة من الدول أن تكون لها علاقات تجارية واقتصادية مع كيان أو دولة لا تعترف بها دبلوماسيا، وبالتالي إقامة العلاقات التجارية مع دولة من الدول يجب أن يسبق بالتعارف والاعتراف المتبادل بينهما وهو ما لم يكن إطلاقا بالنسبة للجزائر التي لا تعترف بكيان اسمه إسرائيل، وبالتالي أعيد التأكيد مرة أخرى أن الجزائر فوتت فرصة تاريخية على نفسها عندما لم تكن عضوا مؤسسا بدون تنازلات وبدون شروط   
وعلى الرغم من تفويت الفرصة المشار إليها سنة 1994 إلا أنه من باب العدل  نشير إلى أن الجزائر التي قدمت سنة 1996 مذكرة الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية، لم تلجأ إلى مكاتب الخبرة الأجنبية، بل استعانت بالقدرات الوطنية في التفاوض، ونحن الآن في الجولة 11 من التفاوض، وكان يمكن أن تتم الجولة 12 بخير وتنضم الجزائر، لو تم التوصل إلى حل للقضايا الخلافية بين الاتحاد الأوروبي والجزائر.

ماذا استفادت الجزائر من إطالة عمر التفاوض منذ 17 عاما مع الدول الأعضاء في منظمة التجارة العالمية؟  
 الذي تحقق هو أن الجزائر هذبت قوانينها المتعلقة بالتجارة وبالخدمات وأضفت عليها الشفافية التامة. 
أولا، يجب التذكير أنه يخطئ من يعتقد أن منظمة التجارة العالمية هي منطقة للتبادل الحر، هذا لبس كبير في أذهان الناس، لأن الانضمام لا يعني إزالة جميع الحواجز الجمركية، كما أن إقامة مناطق التبادل الحر يحدث خارج منظمة التجارة، ويجب أن يعرف الناس أنه حتى داخل المنظمة هناك تعريفات جمركية تطبق بين الدول الأعضاء بحسب التفاوض بين تلك البلدان الأعضاء، ثم أن الأعضاء اليوم لهم الحق في الإبقاء على التعريفة الجمركية مرتفعة. 
موضوع القيود لا يعني سوى الدول التي تبحث عن الانضمام مثل الجزائر، لأن الأعضاء في المنظمة يريدون تحقيق أقصى منفعة ممكنة مثل مطالبتهم بتخفيض الرسوم الجمركية خاصة إذا ما كانت هذه الدولة التي تريد الانضمام قد خفضت التعريفة الجمركية مع دول أخرى وهي حالة الجزائر مع الاتحاد الأوروبي للأسف الشديد.
يجب التوضيح للرأي العام أنه لما تنضم دولة جديدة إلى المنظمة يقوم كل الأعضاء بدراسة جميع الامتيازات الجمركية والجبائية التي منحت من الدولة الجديدة لدول أخرى قبل الانضمام ويقومون بمطالبة تعميم أحسن تلك الامتيازات على جميع الدول وفق المبدأ المعروف وهو "الدولة الأكثر امتيازا"، وبالتالي نحن الآن خارج المنظمة غير أن أكبر مستفيد من الامتيازات الجمركية مع الجزائر هو الاتحاد الأوروبي. وعليه فإن كل أعضاء منظمة التجارة يطالبون الجزائر بمنحها نفس امتيازات الاتحاد الأوروبي على الأقل.

إذن هل يمكن القول إن أكبر معرقل لانضمام الجزائر إلى منظمة التجارة هو الاتحاد الأوروبي؟
 الاتحاد الأوروبي يريد الاستمرار في الاستحواذ لنفسه على الامتيازات التي حصل عليها في إطار اتفاق الشراكة، وهو على علم أن دخول الجزائر إلى منظمة التجارة لا يخدمه لأن تلك الامتيازات ستستفيد منها جميع دول العالم الأعضاء في منظمة التجارة. وبالتالي أخطأنا كثيرا حينما أمضينا اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي قبل انضمامنا إلى منظمة التجارة العالمية.

للأمانة

منقول عن جريدة الشروق الجزائرية 

وزير التجارة السابق الهاشمي جعبوب لـ"الشروق":

حوار: عبد الوهاب بوكروح
2013/05/11














ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق